البستنة الحديثة.. هل تتطلب الحفر؟
خاص-الماردية
تعتبر البستنة طريقة رائعة للاسترخاء وممارسة بعض التمارين وخلق شيء جميل. لكن حجم العمل العضلي والجهد المبذول في البستنة يمكن أن يكون شاقا لكثير من الناس. قد يكون الأمر بمثابة صدمة للبعض، ولكن البستنة لا تنطوي بالضرورة على الحفر أو العمل الشاق فهي لم تعد ضرورة حتمية كالسابق. ان تحويل مساحات الحدائق الى أراضي زراعية عبارة عن تقليد شائع منذ عصور. ينبع من فكرة تطبيق الأساليب الزراعية على منطقة أصغر بكثير من أجل زراعة النباتات والخضروات. في هذا المقال سنوضح أسلوب من اهم أساليب البستنة الحديثة التي لا تتطلب الحفر أو الكثير من المجهود العضلي الشاق.
لماذا نحرث المزارع ؟
حراثة الأرض هي ممارسة زراعية شائعة تستخدم لإعداد التربة لزراعة المحاصيل. غالبا ما يتم اتباعها لتخفيف التربة المكدسة والمضغوطة وتحسين هيكلها، مما يسمح لها بامتصاص المزيد من الماء والمواد المغذية والتي بدورها يمكن أن تساعد النباتات على النمو بشكل أفضل. كما أنها تساعد في مكافحة الحشائش الضارة والآفات، وكذلك تسهم في تحلل المواد العضوية. تم استخدام الحراثة لعدة قرون من قبل المزارعين في جميع أنحاء العالم، ولا يزال جزءا مهما من ممارسات الزراعة الحديثة. يقودنا هذا إلى تساؤل منطقي – لماذا يتم ضغط التربة في المقام الأول إذا كانت تُحرث بانتظام؟
هناك عدد قليل من الأسباب التي يمكن أن تسهم في إعادة الضغط هذه، مثل الآلات الزراعية التي تعمل بالطاقة الحيوانية أو الآلية مثل الجرارات والثيران، والأشخاص الذين يمشون على التربة، بالاضافة الى هطول الأمطار التي تؤثر على الأرض الخالية غير المزروعة.
لا حراثة بعد الآن:
خلافا للاعتقاد الشائع، تعتبر التربة أكثر من مجرد وسيلة لتثبيت جذور النباتات والأشجار في مكانها. فهي نظام بيئي معقد بتنوع بيولوجي هائل. ملعقة كبيرة من التربة هي عبارة عن موطن لنحو 50 مليار من الكائنات الحية الدقيقة المذهلة، مثل البكتيريا والفطريات والطحالب والديدان الخيطية بالإضافة إلى كائنات أخرى مثل ديدان الأرض. هذا ما يجعلنا نفكر لوهلة بهذه الكمية المذهلة للحياة الموجودة على الأرض.
تساعد العلاقات التكافلية المفيدة بين بكتيريا التربة وجذور النباتات، وكذلك تلك التي بين فطريات التربة وجذور الأشجار، النباتات في الوصول إلى العناصر الغذائية. علاوة على ذلك، تشارك هذه الكائنات أيضا في العملية الاساسية لدورة المغذيات مما يسهم في إدخال تحسينات على بنية التربة، ويسمح للماء والهواء بالتحرك بحرية ضمنها.
من خلال حراثة التربة وتقليبها، يُترك النظام البيئي الدقيق مكشوفا لعناصر ضارة مثل الهواء والأشعة فوق البنفسجية التي يمكن أن تجففها وتجعلها عقيمة. وبالتالي، يؤدي ذلك إلى استنفاد مغذيات التربة الحيوية مثل الكربون والنيتروجين. بالإضافة إلى ذلك، يسبب انخفاض في المواد العضوية بحيث لا تعود قادرة على الاحتفاظ بالمياه بشكل فعال كالسابق.
كيفية حماية التربة بجهد اقل:
تضمن البستنة الخالية من الحفر عدم تكدس التربة حيث لا يوجد آليات ثقيلة تمشي عليها.اذ يمكن أن يؤدي ضغط التربة إلى إضعاف بنيتها بشكل كبير، نتيجة منع الهواء والماء من الوصول إلى جذور النباتات مما يؤدي إلى تدهور صحتها ويؤدي في النهاية إلى انخفاض في إنتاجية المحاصيل.
من المهم أن تتذكر عدم الخلط بين المسارات المخصصة لمن يمشي ضمن الحديقة وبين تلك المساحات المخصصة للنباتات. وهذا بدوره سيؤدي إلى جعل البستنة تجربة أكثر صعوبة وغير منتجة.
الطبيعة لها طرقها الخاصة في الحفر، وهي أكثر كفاءة من الأساليب البشرية، حيث تستخدم ديدان الأرض في هذه المهمة الشاقة.
دعونا نعتمد على ديدان الأرض للحفر:
ديدان الأرض لها تأثير كبير على بنية التربة، مما يتيح تحسين تصريف المياه بمعدل يصل إلى 10 مرات أسرع من التربة الخالية من ديدان الأرض. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأراضي غير المزروعة تقليديا والتي تحتوي على أعداد كبيرة من ديدان الأرض لديها القدرة على امتصاص المياه ستة أضعاف الأراضي المزروعة بالحراثة، والتي قد تسبب شح في أعداد ديدان الأرض.
تلعب الديدان دورا مهما في نمو النباتات. حيث وجد أن العناصر الغذائية الموجودة في تربة الديدان الديدان (أو ما يعرف بسماد الديدان )أكثر ثراء من تلك الموجودة في التربة المحيطة. ذلك مع وجود الفوسفور أربع مرات أكثر من المعتاد و وفرة النيتروجين الذي يسهل على النباتات الوصول إليه. علاوة على ذلك، فإن جحور الديدان تمكن جذور النباتات من الوصول إلى عمق التربة لزيادة الوصول إلى الماء والتغذية. تعرف على منتجاتنا Wormcasting
نصائح البستنة الحديثة لحديقة خالية من الحفر:
عند اختيار موقع لانشاء حديقة خالية من الحفر، تأكد من أنه مستو نسبيا ويتعرض لضوء الشمس لمدة خمس ساعات على الأقل يوميا. ذلك يضمن قدرة نباتاتك على تلقي كميات مثالية من الضوء وبالتالي النمو بشكل صحي.
من أجل البدء بمشروعك المنزلي، من الضروري استخدام المواد التالية: الصحف / الورق المقوى، روث الحيوانات / الأسمدة العضوية، بالات القش بمختلف انواعها، منتجات مخصصة تحوي أسمدة الديدان Wormcasting، دلو من الماء لنقع الكرتون وعلبة سقي أو خرطوم للري.
يعتبر التسميد الورقي طريقة مفيدة لتحقيق تربة عالية الخصوبة. يتضمن ذلك إضافة طبقة من المواد العضوية إلى الأرض، بسمك يتراوح بين 5 سم و 15 سم (أو 2 “- 6”). هذا يحول أرض الحديقة إلى معمل صغير للسماد العضوي.
من الضروري أن نبتعد عن الأسمدة الكيماوية من أجل حماية تربتنا وضمان قدرة الأجيال القادمة على الاستفادة من خصوبتها الطبيعية. علاوة على ذلك، يمكن أن يكون استخدام الأسمدة الكيماوية لتعزيز نمو المحاصيل قصر نظر وسوء ادارة على المدى الطويل، حيث يمكن أن يؤدي إلى تدمير النظام البيئي المصغر في التربة.
وفي الختام، تعتبر البستنة بدون حفر نهجا ثوريا لزراعة النباتات في الحديقة والتي يمكن أن توفر الوقت والطاقة والمياه مع الحفاظ على بيئة صحية للتربة. فهو لا يقلل من الجهد والوقت الذي يضيع في الحديقة فحسب، بل إنه يمكّن الطبيعة أيضا من القيام بالعمل دون تدخل الإنسان. من خلال اتباع هذا النهج، يكون البستانيون قادرين على جني ثمار حديقة صديقة للبيئة ومنتجة بأقل جهد ممكن.
اقرأ أيضا:
التربة الكبريتية .. مشاكل وحلول
اسئلة شائعة:
ما هي طريقة الزراعة بدون حفر في البستنة؟
تتضمن هذه الطريقة إضافة طبقة من السماد العضوي فوق سطح التربة والسماح لشبكة غذاء التربة الطبيعية بالقيام بالباقي. يمكن أن توفر هذه الطريقة نتائج فائقة مقارنة بالطرق التقليدية، حيث تساعد في خلق بيئة صحية كثيفة المغذيات للنباتات لتنمو وتزدهر فيها. بالإضافة إلى ذلك، فهي تلغي الحاجة إلى حراثة وحفر التربة الموجودة، والتي يمكن أن تستغرق وقتا طويلا وعمل جسدي مرهق.
هل يمكن ان ازرع بدون حفر في حديقتي فورا؟
تختلف الزراعة بدون حفر كليا عن البستنة التقليدية. فهي تحدث الحد الادنى من الاضطرابات المسموحة في التربة. وتسمح بزراعة النباتات مباشرة في المادة العضوية الموجودة فيها. مما يجعلها طريقة رائعة لإنشاء حديقة جميلة بأقل جهد وصيانة ممكنة.
ما هي عيوب الحديقة المزروعة بدون حفر؟
تتطلب هذه الحدائق كميات كبيرة من المواد العضوية للتربة، ويمكن أن تكون أكثر عرضة لانتشار الحشائش الضارة، وقد تتطلب ريا متكررا أكثر من الحدائق التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن ألا يكون البستانيون حذرين بما يكفي أثناء الحركة في أنحاء الحديقة مما يسبب انضغاط التربة.